الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
(تتمة) قال بعض العارفين: الطمع طمعان طمع يوجب الذل للّه وهو إظهار الإفتقار وغايته العجز والإنكسار وغايته الشرف والعز والسعادة الأبدية وطمع يوجب الذل في الدارين أي وهو المراد هنا وهو رأس حب الدنيا وحب الدنيا رأس كل خطيئة والخطيئة ذل وخزي وحقيقة الطمع أن تعلق همتك وقلبك وأملك بما ليس عندك فإذا أمطرت مياه الآمال على أرض الوجود وألقي فيها بذر الطمع بسقت أغصانها بالذل ومتى طمعت في الآخرة وأنت غارق في بحر الهوى ضللت وأضللت.
- (طس) وكذا العسكري (عن جابر) قال الهيثمي: فيه ابن أبي حميد مجمع على ضعفه.
2928 - (إياكم والكبر) فإنما أهلك إبليس الكبر قال: أنا خير منه وإنما كملت فضائل آدم عليه السلام باعترافه على نفسه (فإن الكبر يكون في الرجل) أي الإنسان (وإن عليه العباءة) من شدة الحاجة وضنك المعيشة وقلة الشيء ولا يمنعه رثاثة حاله عن النظر في عاقبته وماله وما ينبغي لمن خرج من مخرج البول مرتين أن يتكبر وقيل لحكيم: هل تعرف نعمة لا يحسد عليها قال: التواضع قيل: فهل تعرف بلاء لا يرحم صاحبه عليه قال: الكبر وقيل التواضع مع الجهل والبخل أحمد عند الحكماء من الكبر مع الأدب والسخاء وقيل في بخيل متكبر:
جمعت أمرين ضاع الحزم بينهما * تيه الملوك وأفعال المماليك
قيل: أست في الماء وأنف في السماء.
- (طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: رجاله ثقات.
2929 - (إياكم وهاتين البقلتين المنتنتين) الثوم والبصل (أن تأكلوهما وتدخلوا مساجدنا) فإن الملائكة تتأذى بريحهما (فإن كنتم لا بد آكليهما فاقتلوهما بالنار قتلاً) هذا مجاز من باب قوله يميتون الصلاة لكنه عكسه فإن إحياء الصلاة أداؤها [ص 133] لوقتها وإماتتها إخراجها عنه فحياة البقلتين عبارة عن قوة ريحهما عند طراوتهما وموتهما إزالة تلك الريح الكريهة بالنضج قال النوربشتي: وألحق بهما ما له ريح كريهة من كل مأكول وألحق به عياض من به بخر أو جرح له ريح وألحق بالمسجد نحو مدرسة ومصلى عيد من مجامع العبادات والعلم والذكر والولائم لا الأسواق ونحوها ذكره القاضي قال العراقي: وهل المراد بطبخهما استعمالهما في الطعام بحيث لا يبقى عينهما أو نضجهما مع بقائهما بحالهما؟ الأقرب الثاني.
- (طس عن أنس) قال الهيثمي: رجاله موثقون.
2930 - (إياكم والعضه) بفتح العين وسكون الضاد المعجمة على الأشهر هي (النميمة القالة بين الناس) أي كثرة القول وإيقاع الخصومة بينهما فيما يحكى للبعض عن البعض وقيل القالة بمعنى المقولة وزعم بعضهم أن القالة هنا جمع وهم الذين ينقلون الكلام ويوقعون الخصومة بين الناس ومن ثم قيل اجعل كلام الواشي ريحاً تستريح وتريح قال أبو تمام:
ومن يأذن إلى الواشين يسلق * مسامعه بألسنة حداد
وقال المتنبي:
لقد أباحك غشا في معاملة * من كنت معه بغير الصدق تنتفع
وقال العارف الشعراني رضي اللّه عنه: قال لي الشيخ عبد الحق السنباطي رضي اللّه تعالى عنه: إذا قل عمل عبد ونقصت درجاته وأراد اللّه رفعهما أوقع العلماء العاملين في الغيبة فيه فتنقلب أعمالهم التي تعبوا فيها طول عمرهم في صحائفه فيأخذ منها بقدر مظلمته فيصبح أعلى مقاماً منهم من حيث لا يشعر ولا يشعرون.
- (أبو الشيخ [ابن حبان] في التوبيخ عن ابن مسعود) رضي اللّه تعالى عنه.
2931 - (إياكم والكذب) فإن جريمته عظيمة وعاقبته وخيمة فإن العبد إذا قال بلسانه ما لم يكن كذبه اللّه وكذبه إيمانه من قلبه لأنه إذا قال لما لم يكن أنه كان فقد زعم أنه تعالى خلقه ولم يكن خلقه فقد افترى على اللّه فيكذبه إيمانه فلذلك قال: (فإن الكذب مجانب للإيمان) بنص القرآن فإنه سبحانه علل عذاب المنافقين به في قوله:
- (حم وأبو الشيخ [ابن حبان] في التوبيخ وابن لال في مكارم الأخلاق) وابن عدي في الكامل (عن أبي بكر الصديق) رضي اللّه عنه قال: قام فينا خطيباً رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مقامي هذا عام أول ثم بكى وقال: إياكم والكذب إلخ قال الزين العراقي: وإسناده حسن اهـ. وقال الدارقطني في العلل: الأصح وقفه ورواه ابن عدي من عدة طرق ثم عول على وقفه.
2932 - (إياكم والالتفات في الصلاة فإنها) وفي رواية فإنه (هلكة) قال الراغب: الهلاك افتقاد الشيء عنك وهو عند غيرك موجود ومنه
- (هق عن أبي هريرة) ثم قال أعني العقيلي لا يتابع على هذا اللفظ قال وفي النهي عن الالتفات أحاديث صالحة كذا في لسان الميزان عنه وفيها بكر هذا قال البخاري: عن يحيى بن كثير كذاب وضعفه النسائي وغيره وبه يعرف أن المصنف كما أنه لم يصب في اقتصاره على العزو للعقيلي واقتطاعه من كلامه ما عقب به الخبر من بيان حاله الموهم أنه خرَّجه وأقره لم يصب في إيثاره الطريق المعلول على الطريق الصالحة التي أشار إليها العقيلي نفسه وأعجب من ذلك أنه اقتصر على العزو للعقيلي من كلامه فإنه أوهم أنه لا يوجد لأحد من الستة وقد خرَّجه الترمذي عن أنس مرفوعاً بأتم من هذا ولفظه إياكم والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة اهـ بحروفه ثم قال الترمذي حديث حسن فعدول المصنف عنه تقصير أو قصور.
2933 - (إياكم والتعمق في الدين) أي الغلو فيه وادعاء طلب أقصى غاياته (فإن اللّه تعالى قد جعله سهلاً فخذوا منه ما تطيقون فإن اللّه يحب ما دام من عمل صالح وإن كان يسيراً) أي ولا يحب العمل المتكلف غير الدائم وإن كان كثيراً وقد كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يبغض المتعمقين وكان الصحب أقل الأمة تكلفاً اقتداءاً به ودين اللّه بين الغالي والجافي خير الناس النميط الأوسط الذين ارتفعوا عن تقصير المفرطين ولم يلحقوا بغلو المعتدين قال الحرالي: محصول الحديث أن الدين مع سهولته ويسرته شديد لن يشاده أحد إلا غلبه والأحكام مع وضوحها قد تخفى لما في تنزيل الكليات على الجزئيات من الدقة إذ الجزء الواحد قد يتجاذبه كليات فأكثر فلا يجردها من مواقع الشبه إلا من نوّر اللّه بصيرته.
- (أبو القاسم بن بشران في أماليه عن عمر) بن الخطاب.
2934 - (إياي) فيه تحذير المتكلم نفسه وهو شاذ عند النحاة كذا قيل قال ابن حجر: ويظهر أن الشذوذ في لفظه وإلا فالمراد بالتحقيق تحذير المخاطب فكأنه حذر نفسه بالأولى ليكون أبلغ ونحو نهي المرء نفسه ومراده نهي من يخاطبه (والفرج) أي دعني من الفرج (يعني في الصلاة) والمراد اتركوا إهمالها واصرفوا همتكم إلى سدها وظاهر أن قوله يعني إلخ من كلام الراوي أو المصنف لا من الحديث فتسوية الفرج من مندوبات الصلاة المؤكدة.
- (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: رجاله ثقات.
2935 - (إياي أن تتخذوا) أي دعوني من اتخاذ (ظهور دوابكم منابر) يعني اتركوا جلوسكم عليها وهي واقفة كما تجلسون على المنابر فإن ذلك يؤذيها (فإن اللّه تعالى إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل [ص 135] لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجاتكم) والنهي مخصوص باتخاذ ظهورها مقاعد لغير حاجة أما لحاجة لا على الدوام فجائزة بدليل أن المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم خطب على ناقته وهي واقفة.
- (د عن أبي هريرة) قال ابن القطان: ليس مثل هذا الحديث يصح لأن فيه أبا مريم مولى أبي هريرة ولا يعرف له حال ثم قيل هو رجل واحد وقبل رجلان وكيفما كان فحاله أو حالهما مجهولة فمثله لا يصح.
2936 - (أيام التشريق) وهي الثلاثة بعد يوم العيد سميت به لأن لحم الأضاحي يشرق فيها بمنى أي يقدد ويبرز للشمس وقيل يوم العيد من أيام التشريق فتكون أربعة وعلى الأول لم يعد يوم النحر منها لأن له اسماً خاصاً وإلا فالمعنى المقدر يشمله وهو المذكور في قوله (أيام أكل وشرب) بضم الشين وفتحها هكذا ذكره بعض الشراح لكن حكى ابن السمعاني عن أبيه عن أبي الغنائم أنه إنما هو بالفتح فحسب واستشهد بقوله سبحانه وتعالى:
فسقي ديارك غير مفسدها * صوب السحاب وديمة تهمي
وقال جمع: إنما قال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ذلك لأن القوم زوار اللّه وهم في ضيافته في هذه الأيام وليس للمضيف أن يصوم دون إذن من أضافه كذا علله أمير المؤمنين علي كرم اللّه وجهه فيما رواه عن البيهقي بسند مقبول واقتفاه في ذلك أكابر الأئمة فقالوا: سر ذلك أنه تعالى دعى عباده إلى زيارة بيته فأجابوه وقد أهدى كل على قدر وسعه ومبلغ طاقته وذبحوا هديهم فقبله منهم واتخذ لهم منه ضيافة ونصب لهم مائدة جمعهم عليها وأطعمهم مما تقربوا به إليه والضيافة ثلاثة أيام فأوسع زواره طعاماً وشراباً ثلاثة أيام وسنة الملوك أنهم إذا أضافوا أطعموا من على الباب كما يطعمون من في الدار والكعبة هي الدار وسائر الأقطار باب الدار فعم اللّه الكل بضيافته فقال:
- (حم م) في الصوم (عن نبيشة) بضم النون وفتح الموحدة وياء تحتية وشين معجمة وهو ابن عبد اللّه الهذلي قال ابن حجر: صحابي قليل الحديث ويقال له نبيشة الخير ولم يخرجه البخاري ولا خرج عن نبيشة شيئاً قال المصنف: وهذا متواتر.
2937 - (أيكم خلف) بتخفيف اللام (الخارج) أي لنحو غزو (في أهله) أي حلائله وعياله (وماله بخير) أي بنوع من أنواعه كقضاء حاجة وحفظ مال (كان له) من الأجر (مثل أجر الخارج) لفظ رواية الصحيح مثل نصف أجر الخارج قال القرطبي: ولفظة مثل يشبه كونها مقحمة أي مزيدة من بعض الرواة قال ابن حجر: ولا حاجة لدعوى زيادتها بعد ثبوتها في الصحيح ويظهر أنها أطلقت بالنسبة إلى مجموع الثواب الحاصل للغازي والخالف له بخير فإن [ص 136] الثواب إذا انقسم بينهما نصفين كان لكل منهما مثل ما للآخر قال ابن العربي: هذا من فضل اللّه تعالى حيث جعل خلافة الغازي في أهله كالغازي في الرتبة فإنه إذا خلفه بخير فكأنه لم يبرح من بيته لقيام أموره فيه وصلاح حاله فكأن هذا قد غزى والقائم على أهل الغازي وماله نائب عنه في عمل لا يمكن معه الغزو فليس مقتصراً على النية فقط بل عامل فيما يتعلق بالغزو فصار كأنه باشر معه الغزو فمن ثم كان له مثل أجره كاملاً مضاعفاً ولا يلزم تساوي ثوابيهما.
- (م د عن أبي سعيد) الخدري قال: بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم إلى بني لحيان ليخرج من كل رجلين رجل ثم ذكره واستدركه الحاكم فوهم.
2938 - (أيما) مركبة من أي وهي اسم ينوب مناب حرفه ومن ما المبهمة المزيدة (إمام سها فصلى بالقوم وهو جنب فقد مضت صلاتهم) على التمام أي صحتهم (ثم ليغتسل هو) عن الجنابة (ثم ليعد صلاته وإن صلى بغير وضوء) ساهياً (فمثل ذلك) فتصح صلاة المقتدين به ولا تصح صلاته فيلزمه الإعادة إلى هذا ذهب الشافعي وذهب أبو حنيفة إلى بطلان صلاة المقتدي ببطلان صلاة إمامه مطلقاً قال قياساً على ما لو صلى بغير إحرام والمصلي بلا طهر لا إحرام له والفرق بين الركن والشرط لا يؤثر إذ لازمهما متحد وهو ظهور عدم الشروع.(1)
- (أبو نعيم في معجم شيوخه وابن النجار) في التاريخ (عن البراء) بن عازب ولقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه لمن ذكر مع وجوده لغيره فقد رواه الدارقطني والديلمي عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن البراء وجويبر متروك والضحاك لم يلق البراء قال ابن حجر رحمه اللّه: خرَّجه الدارقطني بإسناد فيه ضعف وانقطاع.
----------
(1) [والقياس ورد هنا مع ضعف الحديث، أما لو كان الحديث صحيحا فمعلوم أن أبا حنيفة لا يرده بالقياس. دار الحديث]
----------
2939 - (أيما امرئ) بجر امرئ إضافة أي إليه وبرفعه بدل من أي وما زائدة (قال لأخيه) أي في الإسلام (كافر فقد باء بها أحدهما) أي رجع بها أحدهما (فإن كان كما قال) أي كان في الباطن كافر (وإلا) أي وإن لم يكن كذلك (رجعت عليه) أي فيكفر قال النووي: ضبطنا قوله كافر بالرفع والتنوين على أنه خبر مبتدأ محذوف قال القرطبي: صواب تقييده كافر بالتنوين على أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي أنت كافر وهو كافر وجعله بعضهم بغير تنوين فجعله منادى مفرداً محذوف حرف النداء وهو خطأ لأن حرف النداء لا يحذف مع النكرات ولا مع المبهمات إلا فيما جرى مجرى أمثل نحو أطرق كراء والباقي بها راجع إلى التكفيرة الواحدة ويحتمل عوده إلى الكلمة.
- (م ت عن ابن عمر) بن الخطاب.
2940 - (أيما امرأة) قال في التنقيح: أي مبتدأ في معنى الشرط وما زائدة لتوكيد الشرط وقوله الآتي فقد إلخ جواب الشرط (وضعت ثيابها في غير بيت زوجها) كناية عن تكشفها للأجانب وعدم تسترها منهم (فقد هتكت ستر ما بينها وبين اللّه عز وجل) لأنه تعالى أنزل لباساً ليوارين به سوءاتهنّ وهو لباس التقوى وإذا لم تتقين اللّه وكشفن سوءاتهن هتكن الستر بينهن وبين اللّه تعالى وكما هتكت نفسها ولم تصن وجهها وخانت زوجها يهتك اللّه [ص 137] سترها والجزاء من جنس العمل والهتك خرق الستر عما وراءه والهتيكة الفضيحة.
- (حم ه ك) في الأدب (عن عائشة) رضي اللّه عنها دخل عليها نسوة من حمص فقالت: لعلكن من اللواتي يدخلن الحمامات سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكرته قال الحاكم: على شرطهما وأقرّه الذهبي لكن أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح وأطال في بيانه.
2941 - (أيما) قال الكرماني: زيد لفظ ما على أي لزيادة التعميم (امرأة أصابت بخوراً) بالفتح ما يتبخر به والمراد هنا ريحه (فلا تشهد) أي تحضر (معنا) أي الرجال (العشاء الأخيرة) لأن الليل آفاته كثيرة والظلمة ساترة خص العشاء لأنها وقت انتشار الظلمة وخلو الطريق عن المارة والفجار تتمكن حينئذ من قضاء الأوطار بخلاف الصبح عند إدبار الليل وإقبال النهار فتنعكس القضية ذكره الطيبي وقيد بالآخرة ليخرج المغرب قال ابن دقيق العيد: وفيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية شهوة الرجال قال: وألحق به حسن الملبس والحلي الظاهر.
- (حم م) في الصلاة (د ن عن أبي هريرة) قال النسائي: ولا أعلم أحداً تابع يزيد بن خصيفة عن بشر بن سعيد على قوله عن أبي هريرة وقد خالفه يعقوب الأشج رواه عن زينب الثقفية ثم ساق حديث بشر عن زينب من طرق به ولم يخرجه البخاري.
2942 - (أيما امرأة أدخلت على قوم) في رواية ألحقت بقوم (من ليس منهم) بأن تنسب لزوجها ولدها من غيره (فليست من اللّه في شيء) أي من الرحمة والعفو أو لا علاقة بينها وبينه ولا عندها من حكم اللّه وأمره ودينه شيء كأنه قال: هي بريئة من اللّه في كل أمورها ولذا أنكر شيئاً ثم أردف هذا الذم العام الشامل لجميع الأقسام بقوله (ولن يدخلها اللّه جنته) مع السابقين المحسنين بل يؤخرها ويعذبها ما شاء وقال لن إلخ ولم يكتف بدخولها في الأول لعمومه لأن النساء لا تقف على حقيقة المراد منه لما فيه من نوع إجمال وخفاء فعقبه بذكر أحد أنواعه التي يفهمها كل سامع قال الحرالي: وفي فليست إفهام أن من حفظت فرجها فلم ترتكب هذه الفاحشة العظمى فهي من اللّه في شيء لما أنها متمسكة بآية
- (د ن ه حب ك) وصححاه (عن أبي هريرة) رضي اللّه عنه [ص 138] قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول حين نزلت آية الملاعنة فذكره قال ابن حجر في التخريج: صححه الدارقطني في العلل مع اعترافه بتفرد عبد اللّه بن يونس عن سعيد المقبري وأنه لا يعرف إلا به وقال في الفتح بعد ما عزاه لأبي داود والنسائي وابن حبان والحاكم في مسنده عن عبد اللّه بن يوسف حجازي ما روى عنه سوى يزيد بن الهاد.
2943 - (أيما امرأة خرجت من بيتها) أي محل إقامتها (بغير إذن زوجها) لغير ضرورة شرعية (كانت) في مدة خروجها (في سخط اللّه تعالى) أي غضبه (حتى ترجع إلى بيتها أو يرضى عنها زوجها) أما لو خرجت لما يجوز الخروج له كإرادة زوجها لها بسوء فتنعكس القضية.
- (حط) من حديث إبراهيم بن هدية (عن أنس بن مالك) وقضية كلام المصنف أن الخطيب خرَّجه وأقره وهو تلبيس فاحش فإنه تعقبه بقوله قال أحمد بن حنبل إبراهيم بن هدية لا شيء في أحاديثه مناكير وقال ابن معين: إنه كتب عنه ثم تبين له أنه كذاب خبيث قال علي بن ثابت: هو أكذب من حماري هذا اهـ وقال الذهبي في الضعفاء هو كذاب فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب وليته إذ ذكره بين حاله وكما أنه لم يصب في ذلك لم يصب في اقتصاره على عزوه للخطيب وحده فإن أبا نعيم خرجه من طريقه وعنه الخطيب فعزوه للفرع وإهماله الأصل من سوء التصرف.
2944 - (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق) في رواية طلاقها (من غير ما بأس) بزيادة ما للتأكيد والبأس الشدة أي في غير حالة شدة تدعوها وتلجئها إلى المفارقة كأن تخاف أن لا تقيم حدود اللّه فيما يجب عليها من حسن الصحبة وجميل العشرة لكراهتها له أو بأن يضارها لتنخلع منه (فحرام عليها) أي ممنوع عنها (رائحة الجنة) وأول ما يجد ريحها المحسنون المتقون لا أنها لا تجد ريحها أصلاً فهو لمزيد المبالغة في التهديد وكم له من نظير قال ابن العربي: هذا وعيد عظيم لا يقابل طلب المرأة الخروج من النكاح لو صح وقال ابن حجر: الأخبار الواردة في ترغيب المرأة من طلب طلاق زوجها محمولة على ما إذا لم يكن سبب يقتضي ذلك كحديث ثوبان هذا.
- (حم د ت ه حب ك عن ثوبان) مولى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال الترمذي: حسن غريب وقال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي وابن حجر وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
2945 - (أيما امرأة) ذات زوج (ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة) أي مع الفائزين السابقين وإلا فكل من مات على الإسلام لا بد من دخوله إياها ولو بعد دخوله النار ومثله الزوجة السرية بل أولى.
- (ت ه) في النكاح (ك) في البر والصلة (عن أم سلمة) قال الترمذي: حسن غريب وقال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال ابن الجوزي: هو من رواية مشادر الحميري عن أمه عن أم سلمة وهما مجهولان.
2946 - (أيما امرأة صامت) نفلاً (بغير إذن زوجها) وهو حاضر (فأرادها على شيء) يعني طلب منها أن يجامعها فهو كناية حسنة عن ذلك (فامتنعت عليه كتب اللّه عليها) أي أمر كاتب السيئات أن يكتب في صحيفتها (ثلاثاً من الكبائر) [ص 139] لصومها بغير إذنه واستمرارها فيه بعد نهيه ونشوزها عليه بعدم تمكينه أما الفرض فلا يجوز قطعه بجماع ولا غيره وهذا صريح في حرمة صوم المرأة نفلاً بغير إذن زوجها وهو شاهد.
- (طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه بقية وهو ثقة ولكنه مدلس.
2947 - (أيما إهاب) ككتاب جلد ميتة يقبل الدباغ قال الزمخشري: سمي الجلد به لأنه أهبة للحي وبناء للحماية على جسده كما قيل له المسك لإمساكه ما وراءه (دبغ) يعني اندبغ بنازع للعضول بحيث لا يعود له النتن والفساد لو نقع بماء (فقد طهر) بفتح الهاء وضمها أي ظاهره وباطنه دون ما عليه من شعر لكن قليله عفو وهذا حجة على أحمد في قوله إن جلد الميتة لا يطهر باندباغه ونص فيما ذهب إليه الشافعي وأبو حنيفة أنه يطهر بدبغه لدلالة هذا اللفظ على الاستغراق من جهة الشرط ومن جهة الإبهام والتنكير بما وخرج بما يقبل الدباغ غيره كجلد خنزير فلا يطهر بالدبغ اتفاقاً من الشافعية والحنفية وكذا الكلب عند الشافعية لا الحنفية قال الكمال: هذا الحديث كما تراه عام فإخراج الخنزير منه لمعارضة الكتاب فيه وهو قوله
- (ن ه) قال ابن جماعة بأسانيد صحيحة (عن ابن عباس) وقضية صنيع المؤلف أن هذا الحديث ليس في أحد الصحيحين ولا كذلك بل هو في مسلم وهو مما تفرد به عن البخاري.
2948 - (أيما رجل أمّ قوماً) أي والحال أنهم (له) أي ولإمامته (كارهون) لأمر يذم فيه شرعاً كوال ظالم ومن تغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها أو لا يتحرز عن النجاسة أو يمحق هيئات الصلاة أو يتعاطى معيشة مذمومة أو يعاشر الفساق ونحوهم وشبه ذلك سواء نصبه الإمام أم لا (لم تجز صلاته أذنيه) أي لا يرفعهما اللّه رفع العمل الصالح بل أدنى رفع فيحرم عليه أن يؤمهم إن اتصف بشيء من هذه الأوصاف وكرهه الكل لذلك كما في الروضة ونص عليه الشافعي فإن كرهه أكثرهم كره لذلك وعلم من هذا التقرير أن الحرمة أو الكراهة إنما هي في حقه أما المقتدون الذي يكرهونه فلا تكره لهم الصلاة خلفه وظن بعض أعاظم الشافعية أن المسئلتين واحدة فوهم وخرج بقولنا أولاً لأمر يذم ما لو كرهوه لغير ذلك فلا كراهة في حقه بل اللوم عليهم.
- (طب) من رواية سليمان بن أيوب الطلحي (عن طلحة) بن عبيد اللّه قال الهيثمي: وسليمان قال فيه أبو زرعة عامة أحاديثه لا يتابع عليها وقال البزار: صاحب مناكير.
[ص 140] 2949 - (أيما رجل استعمل رجلاً على عشرة أنفس) أي جعله أميراً على طائفة ولو قليلة جداً كعشرة والحال أنه (علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل فقد غش اللّه وغش رسوله وغش جماعة المسلمين) بفعله ذلك لعكسه المقتضى لتأميره المفضول على الفاضل وموضع ذلك ما إذا لم يقتض الحال والوقت خلاف ذلك وإلا أنيط بالمصلحة وعلى ذلك ينزل تأمير المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لعمرو بن العاص على قوم فيهم أبو بكر وعمر وتأميره أسامة على من هما فيهم.
- (ع عن حذيفة) بن اليماني.
2950 - (أيما رجل كسب مالاً من حلال فأطعم نفسه وكساها) منه (لمن دونه من خلق اللّه) أي وأطعم وكسى منه من دون نفسه من عياله وغيرهم (فإنها) يعني هذه الخصلة وهي الإطعام (له زكاة) أي نماء وبركة وطهرة (وأيما رجل مسلم لم تكن له صدقة) يعني لا مال له يتصدق منه (فليقل) ندباً (في دعائه اللّهم صل على محمد عبدك ورسولك وصل على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فإنها) أي هذه الصلاة (له زكاة) فاستفدنا أن الصلاة عليه تقوم مقام الصدقة لذي العسرة وأنها سبب لبلوغ المآرب وإفاضة المطالب وقضاء الحاجات في الحياة وبعد الممات واقتصاره على الصلاة يؤذن بأنه لا يضم إليه السلام فيعكر على من كره الإفراد ونعما ذهب إليه البعض من تخصيص الكراهة بغير ما ورد فيه الإفراد بخصوصه كما هنا فلا نزيد فيه بل نقتصر على الوارد.
- (ع حب ك عن أبي سعيد) الخدري قال القسطلاني: وهو مختلف فيه لكن إسناده حسن وأقول هو من رواية ابن لهيعة وهو معلوم الحال عن دراج عن أبي الهيثم وقد ضعفوه كما سبق.
2951 - (أيما رجل) ذكر رجل غالبي والمراد إنسان (تدين ديناً وهو مجمع) بضم الميم الأولى (على أن لا يوفيه إياه لقي اللّه سارقاً) أي يحشر في زمرة السارقين ويجازى بجزائهم قال في الفردوس: يقال أدان إذا أخذ منه الدين ويقال أدنت الرجل وداينته إذا بايعت منه بأجل وأدنت منه إذا اشتريت منه بأجل.
- (ه عن صهيب) بضم المهملة وفتح الهاء وسكون التحتية (بن سنان) بالنون ابن قاسط بالقاف الرومي الصحابي المعذب في اللّه وفيه يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال البخاري فيه نظر وعبد الحميد بن زياد قال البخاري شيخ.
2952 - (أيما رجل تزوج امرأة فنوى أن لا يعطيها من صداقها شيئاً) قال الزمخشري: الصداق بالكسر أفصح عند أصحابنا البصريين (مات يوم يموت وهو زان) أي مات وهو ملتبس بإثم مثل إثم الزاني، والزاني في النار بدليل قوله بعده والخائن في النار (وأيما رجل اشترى من رجل بيعاً فنوى أن لا يعطيه من ثمنه شيئاً مات يوم يموت وهو خائن والخائن في النار) أي نار جهنم يعني يعذب فيها ما شاء اللّه ثم يخرج.
- (ع طب) من حديث عمرو بن دينار وكيل الزبير [ص 141] ابن شعيب البصري عن بني صهيب (عن صهيب) قال عمرو: قال بنو صهيب لصهيب: يا أبانا إن أبناء أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحدثون عن آبائهم فحدثنا فذكره قال الهيثمي: وعمرو بن دينار هذا متروك.
2953 - (أيما رجل عاد مريضاً فإنما يخوض) حالة ذهابه (في الرحمة) شبه الرحمة بالماء إما في التطهير، وإما في الشيوع والشمول ثم نسب إليها ما هو منسوب إلى المشبه به من الخوض (فإذا قعد عند المريض غمرته الرحمة) أي غمرته وسترته وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل قالوا فهذا للصحيح فما للمريض قال: تحط عنه ذنوبه.
- (حم) من حديث أبي داود ولعله الحبطي (عن أنس) قال أبو داود: أتيت أنس بن مالك فقلت: يا أبا حمزة المكان بعيد ونحن يعجبنا أن نعودك فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول: فذكره قال الهيثمي وأبو داود ضعيف جداً.
2954 - (أيما شاب تزوج في حداثة سنه عج شيطانه) أي رفع صوته قائلاً (يا ويله عصم مني) بتزوجه (دينه) وفي رواية للديلمي والثعلبي إذا تزوج أحدكم عج شيطانه يا ويله عصم مني ثلثي دينه اهـ. وهي مبينة أن المراد بالدين هنا معظمه.
- (ع) من حديث خالد بن إسماعيل المخزومي (عن جابر) قال الهيثمي: فيه خالد بن إسماعيل المخزومي وهو متروك قال ابن الجوزي: تفرد به خالد وقال ابن عدي: وكان يضع وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال اهـ، ورواه الطبراني في الأوسط من طريق خالد المذكور قال الهيثمي: وفيه خالد بن إسماعيل المخزومي متروك.
2955 - (أيما عبد جاءته موعظة) وهي التذكير بالعواقب (من اللّه في دينه) أي في شيء من أمور دينه (فإنها نعمة من اللّه سبقت إليه) أي ساقها اللّه إليه (فإن قبلها بشكر) زاده اللّه من تلك النعمة
- (ابن عساكر) في التاريخ (عن عطية بن قيس) أخي عبد اللّه المازني شامي وظاهر صنيع المصنف أن هذا لا يوجد مخرجاً لأشهر ولا أقدم من ابن عساكر ولا لأحد ممن وضع لهم الرموز وهو عجب فقد خرجه البيهقي في الشعب باللفظ المزبور عن عطية المذكور وسببه أن المنصور أحضر الأوزاعي وقال له: ما أبطأ بك عنا قال: وما الذي تريده مني يا أمير المؤمنين قال: الأخذ عنك والاقتباس منك فساق له موعظة سنية جعل هذا الخبر مطلعها ورواه عن بسر أيضاً ابن أبي الدنيا في مواعظ الخلفاء قال الحافظ العراقي: وفيه أحمد بن عبيد بن ناصح قال ابن عدي: يحدث بمناكير وهو عندي من أهل الصدق.
2956 - (أيما عبد أو امرأة قال أو قالت لوليدتها) فعيلة بمعنى مفعولة أي أمتها والوليدة الأمة وأصلها ما ولد من الإماء في ملك الإنسان ثم أطلق ذلك على كل أمة (يا زانية ولم يطلع منها على زنا جلدتها وليدتها يوم القيامة) حدّ القذف (لأنه [ص 142] لا حد لهن في الدنيا) أي ليس لها مطالبتها فإقامة الحد عليه أو عليها في الدنيا لأنه لا يجب للولائد على ساداتهن في دار الدنيا فبين بالحديث سقوطه في الدنيا لشرف المالكية قال ابن العربي: وبه استدلّ علماؤنا على سقوط القصاص عنه بالجناية على أعضائه ونفسه لأنه عقوبة تجب للحرّ على الحرّ فسقط عن الحرّ بجنايته على العبد فأصل ذلك حد القذف وخبر من قتل عبده قتلناه باطل أو مؤول ففيه ردّ على مالك حيث ذهب إلى أن السيد لو قطع عضو عبده عتق عليه لكونه أتلف الرق في جزء منه فسرى إلى آخره كما لو أعتقه وخالفه عامة الفقهاء.
- (ك عن عمرو بن العاص) أنه زار عمة له فدعت له بطعام فأبطأت الجارية فقالت: ألا تستعجلي يا زانية فقال عمرو: سبحان اللّه لقد قلت عظيماً هل اطلعت منها على زنا؟ قالت: لا فقال: إني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول فذكره قال الحاكم: صحيح وتعقبه المنذري فقال: وكيف وعبد الملك بن هارون متروك متهم.
2957 - (أيما عبد أصاب شيئاً مما نهى اللّه عنه ثم أقيم عليه حده) في الدنيا أي وهو غير الكفر أما هو إذا عوقب به في الدنيا فليس كفارة بل زيادة في النكال وابتداء عقوبة (كفر) اللّه (عنه) بإقامة الحد عليه (ذلك الذنب) فلا يؤاخذ به في الآخرة فإن اللّه أكرم وأعدل أن يثني عليه العقوبة.
|